أسباب مرض الفصام
اضطراب الفصام من الأمراض النفسية المعقدة، حيث لا تزال أسبابه الدقيقة غير معروفة بشكل دقيق حتى الآن، إلا أن الباحثون يشيرون إلى وجود مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية المتدخلة، التي تلعب دورا هاما في تطور الاضطراب، تبين الدراسات أن الفصام ينشأ كنتيجة لخلل بيولوجي في الدماغ، يشمل تغييرات دقيقة، جزيئية ووظيفية تؤثر بشكل سلبي، على عمله الطبيعي كما أن هناك عوامل وراثية تضاعف احتمالية الإصابة به، فعند وجود تاريخ عائلي للمرض، فهذا يعد مؤشرا قويا على خطر الإصابة
كما تلعب العوامل البيئية دورا كبيرا أيضا، فالمشاكل الذي حدث أثناء فترة الحمل أو الولادة قد يسهم في زيادة احتمالية الإصابة بالفصام، كمثال على ذلك، إذا ما أصيبت الأم بالأنفلونزا خلال الثلث الثاني من الحمل، فإن ذلك قد يؤثر بشكل مهم على تطور دماغ الجنين، كما أن نقص الأكسجين أثناء عملية الولادة، قد يؤدي إلى تغييرات في الدماغ ، تزيد بشكل ملحوظ من خطر الإصابة في المستقبل
كما يمكن اضافة عوامل أخرى مثل العدوى الفيروسية التي تؤثر على الدماغ خلال مراحل الطفولة أو المراهقة، وتعاطي المخدرات خلال السنوات المبكرة من المراهقة، حيث تشير الأبحاث إلى أن المخدرات قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالفصام، لدى الافراد الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بالمرض
أنواع مرض الفصام
إن الفصام ليس مرضا واحدا وموحدا بل إنه مجموعة من الاضطرابات النفسية المختلفة في الأعراض وطريقة الظهور، يتم تصنيف الفصام إلى عدة أنواع فرعية، اعتمادا على الأعراض التي تظهر على المريض.
فصام المطاردة
تتميز أعراض هذا النوع من الفصام، بشعور المصابين به، بأنهم مطاردون أو ملاحقون بشكل دائم، رغم أن طريقة تفكيرهم وكلامهم ومشاعرهم قد تبدو شبه طبيعية، بالمقارنة بأنواع الفصام الأخرى، لكن هذا الشعور المستمر بالمطاردة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية، ويسبب لهم التوتر والقلق.
فصام غير منتظم
هذا النوع من الفصام، يسبب مشاكل في التواصل حيث يعاني المرضى من صعوبة في التعبير عن أفكارهم، بطريقة منظمة، كما أنهم يظهرون سلوكيات غير منظمة وعديمة الهدف، اضافة إلى ذلك قد يبدو المرضى عديمي الاحاسيس و المشاعر، حيث يظهرون عدم اهتمام واضح بجميع الأحداث أو الأشخاص المحيطين بهم.
فصام جامودي
يبرز هذا النوع من خلال الأعراض الجسدية، حيث يظهر المرضى حركات غير طبيعية مثل الجمود أو التشنجات، كما يكون عندهم قلة استجابة للمؤثرات الخارجية، كما قد يظهرون أنماط حركية غريبة وغير متوقعة، مما يجعل التعامل معهم صعبا في بعض الأحيان.
فصام متبقي
هذا النوع تقل فيه حدة الأعراض، بشكل كبير إلا أن بعض الاعراض مثل الهلوسة أو الأوهام، قد تبقى موجودة ولكن بشكل قليل التأثير على حياة المريض اليومية.
عـلاج الفصام
يتطلب علاج الفصام منهجا متعدد الجوانب، يجمع بين العلاج الدوائي والنفسي والاجتماعي، للوصول لتحقيق استقرار الحالة المرضية وتحسين نوعية حياة المرضى.
العلاج بالأدوية
العلاج بالأدوية المضادة للذهان هو أساس العلاج الخاص بالفصام، لكونها تعمل على تقليل الأعراض الذهانية، كالهلوسة والأوهام، وتنقسم هذه الأدوية إلى جيلين، إما الجيل الأول وإما الجيل الثاني ويهدف العلاج إلى استخدام أقل جرعة ممكنة للتحكم في الأعراض وتقليل الآثار الجانبية، كما يمكن أيضا استخدام مضادات الذهان القابلة للحقن، باعتباره خيار للمرضى الذين يجدون صعوبة في الالتزام بتناول الأدوية اليومية.
العلاج النفسي والاجتماعي
يلعب العلاج النفسي دورا كبيرافي مساعدة المرضى على تحسين أنماط التفكير والتعامل مع الضغوط اليومية، فالعلاج الفردي يركز على تعليم المرضى كيفية التعرف على الأفكار السلبية والتعامل معها، بينما يهدف التدريب على المهارات الاجتماعية، إلى محاولة تحسين قدرة المرضى على التواصل والتفاعل مع الآخرين، اما العلاج الأسري فله دور كبير، حيث يساعد أفراد الأسرة على فهم طبيعة المرض، وكيفية تقديم الدعم للمريض، بالإضافة إلى ذلك فالتأهيل المهني والدعم الوظيفي، من الممكن أن يساعد المرضى على الحصول على وظائف مناسبة، و على القدرة للاحتفاظ عليها مما يعزز استقلاليتهم وثقتهم بأنفسهم.
الإقامة في المستشفى
من الضروري في بعض الحلات، من إدخال المريض إلى المستشفى على الخصوص أثناء فترات الأزمات الحادة، حيث من الممكن تقديم الرعاية اللازمة، لضمان سلامة المريض وتوفير بيئة آمنة له.
العلاج بالصدمة الكهربائية
يستخدم هذا النوع من العلاجات، كملاذ أخير عندما لا يستجيب المريض للعلاجات الدوائية والنفسية، ويتم استخدامه بحذر وتحت إشراف طبي متخصص، يمكن الاعتراف بأنه أثبت فعاليته، في بعض الحالات الصعبة.
أهم النصائح للمرضى وأسرهم
يعد بناء علاقة قوية مع فريق العلاج، خطوة مهمة لضمان تقديم الدعم اللازم وتلقي العلاج المناسب، بالاضافة الى محاولة، التثقيف حول طبيعة المرض وأسبابه وأعراضه يساعد المرضى وأسرهم على فهم الحالة بشكل أحسن، مما يقلل من التوتر والقلق المرتبط بها، العمل على الالتزام بخطة العلاج بما في ذلك تناول الأدوية وحضور جلسات العلاج النفسي، هو أمر غاية في الاهمية لتحقيق استقرار الحالة.
يجب الاعتراف بان مجموعات الدعم يمكن أن تكون مصدرا هاما للتشجيع والمساندة، حيث توفر فرص للاشخاص المصابين بالاضطراب وأسرهم للتواصل مع أشخاص يمرون بنفس التجربة، كما يمكنهم من تعلم تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل، يمكن أن يساعد المرضى على تقليل التوتر وتحسين حالتهم النفسية.
إن الفصام مرض نفسي معقد و مركب، يتطلب تعاملا متعدد الجوانب للتدخل، يشمل العلاج الطبي والنفسي والاجتماعي، مما يجعله تحديا كبير، ورغم ذلك، إلا أن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساعد المرضى، على تحقيق استقرار أفضل وتحسين نوعية حياتهم، كما ان الدعم المستمر من الأسرة والمجتمع، لا شك يلعب دورا كبيرًا في تعزيز فرص التعافي والتكيف مع الحياة اليومية