علاج اضطراب الشخصية الحدية: بداية نحو الشفاء واستعادة الذات

علاج اضطراب الشخصية الحدية

  يعيش الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية (BPD) أعراض قاسية، إلا أن الأمل في الشفاء يبقى دائما ممكنا، لقد أثبتت الابحاث العلمية أن كثيرا من المصابين بهذا الاضطراب الشائع، يتجاوزون أعراضهم مع الزمن، بالخصوص عند تلقيهم العلاج النفسي المناسب، سواء بشكل فردي أو في إطار مجموعات علاجية، تحت إشراف فريق معالج نفسي مجتمعي متكامل.

الدعم المجتمعي أساس التعافي

    عادة يشرع في العلاج من خلال فريق الصحة النفسية المجتمعي، المعني بتقديم الرعاية الصحية بشكل يومي للمريض، مع الحرص الدائم على المحافظة على استقلاليته، هذا الفريق يتكون من إخصائيين اجتماعيين، وممرضين نفسيين، وصيادلة، بالاضافة الى مستشارين و بالطبع معالجين نفسيين وأطباء نفسيين، وأخصائيين في العلاج الوظيفي.

    يتم تطبيق خطة علاجية تعرف ببرنامج الرعاية عند وجود أعراض شديدة، وهي خطة علاجية فردية تضمن للمرض الحصول على علاج مناسب، عن طريق تقييم شامل، وخطة مناسبة وخاصة لكل مريض على حدى، وبالاضاة الى تعيين منسق رعاية يتابع تطور الحالة، مع القيام باستمرار بمراجعات دورية.

علاج نفسي لفهم الذات وتحرير المشاعر

    يقوم علاج اضطراب الشخصية الحدية على جلسات علاج نفسي تهدف إلى تقديم مساعدة للمريض، من أجل فهم أنماط تفكيره ومشاعره، ويتم هذا العلاج على يد متخصصين مؤهلين، خاصة أطباء نفسيين أو أخصائيين نفسيين.

     العلاج يركز على مساعدة المريض في استعادة السيطرة على مشاعره والعمل على توجيهها بشكل صحي، قد تستمر الجلسات لأكثر من سنة حسب الضرورة، ويتم على العموم  اختيار نوع العلاج حسب تفضيلات النريض  و حسب ما هو متاح في مكان العلاج.

علاج سلوكي جدلي سبيل لكسر دوامة الألم الداخلي

علاج اضطراب الشخصية الحدية

العلاج السلوكي الجدلي يعتبر أحد أكثر العلاجات فعالية ولاضطراب الشخصية الحدية على الخصوص، يعتمد هذا العلاج على فكرتين أساسيتين: الأولى هي تقبل المشاعر باعتبارها مشاعر طبيعية ومشروعة وحقيقية، والثانية هي جعل الانفتاح ممكن على وجهات نظر مختلفة بدلا من التفكير الثنائي المتطرف.

      هذا العلاج  يساعد على كسر الحلقة المفرغة بين الألم والذنب والاندفاع، ويقدم هذا العلاج من خلال جلسات فردية وجماعية بشكل أسبوعي، مع إيجاد وسيلة تواصل فعالة في حالة الطوارئ، وقد أثبت فعاليته في الواقع العملي، خاصة لدى النساء اللواتي يعانين من محاولات إيذاء النفس أو الانتحار.

العلاج القائم على الذهن: الطريق الى التأمل في الافكاروالمشاعر

    العلاج بواسطة الذهن يركز على تحسين القدرة على "التفكير في التفكير"، يعني أن تتأمل مشاعرك وأفكارك جيدا وتصبح قادرا أن تفصل بينها وبين الواقع، يساعد هذا النوع من العلاج على تعلم التريث قبل الانفعال، ومحاولة الدائمة للتفكير في مشاعر الآخرين  وتأثير تصرفاتك عليهم، في العادة يستمر العلاج حوالي سنة ونصف، ويمكن تقديمه داخل المستشفى أو خارجه حسب كل حالة.

 بيئة داعمة للتغيير: المجتمعات العلاجية

    تعد المجتمعات العلاجية بيئة أمنة ومنظمة للأشخاص الذين يعانون على العموم من مشاكل نفسية عميقة، حيث تشجع هذه المجتمعات على بناء مهارات اجتماعية وكذلك الثقة بالنفس، وذلك من خلال التفاعل المستمر مع الآخرين، والمشاركة في الأنشطة اليومية الروتينة وكذلك عن طريق المشاركة في الجلسات العلاجية الجماعية، وللالتحاق بهذه المجتمعات يجب أن تتوفر شروط وقواعد واضحة، يجب احترامها، على سبيل المثال، الامتناع عن السلوكيات المؤذية للنفس أو للآخرين.

العلاج من خلال الإبداع يعني التعبير عن الألم من خلال الفن

  

علاج اضطراب الشخصية الحدية

  في بعض الاحيان يكون من الصعب التعبير عن المشاعر من خلال الكلمات. هنا تأتي العلاجات الإبداعية على سبيل المثال: العلاج بالفن، أو الموسيقى، أو الرقص، أو الدراما، هذه العلاجات تهدف إلى مساعدة المريض على التعبير عما بداخله، بسبل غير شفوية، ولفهم أعمق لمشاعره من خلال ما يصنعه بيديه.

القدرة على التعامل مع الأزمات أنه الوقت الذي تحتاج فيه لمن يسمعك

    في أوقات الانهيار أو الخطر الشديد، يتم تقديم الدعم للمريض من خلال أرقام الطوارئ، الخاصة بالممرضة النفسية أو منسق الرعاية أو فرق التدخل في الأزمات، وفي بعض الحالات، يتم وصف أدوية مهدئة قصيرة المدى، أو يتم إدخال المريض بشكل مستعجل  إلى المستشفى لفترة قصيرة إذا كانت حياته في خطر. إن الهدف دائما هو حمايته من الخطر المحدق به، وذلك فقط عند الضرورة القصوى، بأقل قدر ممكن من التدخل.

الأدوية متاحة عند الحاجة وهي دائما الحل الاخير

     لا توجد أدوية مخصصة لعلاج اضطراب الشخصية الحدية، لكن يمكن أن توصف للمريض في حال معانته من اضطرابات نفسية موازية مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطراب ثنائي القطب، كما يمكن في بعض الحالات أن تستعمل مثبتات المزاج أو مضادات الذهان لتقليل الاندفاعية أو الأعراض الشديدة.

الخاتمة،الأمل حقيقي وموجود، والشفاء دائما ممكن

    اضطراب الشخصية الحدية ليس حالة ينعدم فيها الامل وحكم أبدي ونهائي، بل  هي حالة يمكن التعافي منها، عبر رفع  تحد يمكن دائما تجاوزه عن طريق العلاجات، والدعم، والإرادة، المرض بهذا الاضطراب لس وحده، وهناك دائما من يملك القدرة على المساعدة. عليه فقط أن يبدأ رحلته بخطوة، وأن يمنح نفسه فرصة للشفاء.

المراجــــــــــــــع:

  •   The lived experience of recovery in borderline personality disorder: a qualitative study (2019)
 The lived experience of recovery in borderline personality disorder: a qualitative study | Borderline Personality Disorder and Emotion Dysregulation | Full Text
  •  Time‑to‑Attainment of Recovery…: A 10‑year Prospective Follow‑Up Study (Zanarini et al        2010)
 Time to Attainment of Recovery From Borderline Personality Disorder and Stability of Recovery: A 10-year Prospective Follow-Up Study | American Journal of Psychiatry
  • Pharmacological Management of Borderline Personality Disorder and Common Comorbidities   نُشِر في: PubMed Central (PMC10276775)
Pharmacological Management of Borderline Personality Disorder and Common Comorbidities - PMC
  • Crisis interventions for adults with borderline personality disorder: a review نُشِر في: PubMed Central (PMC9511988) 
Crisis interventions for adults with borderline personality disorder - PMC


تعليقات