صدمات الطفولة والعلاج الفعال: من الجرح إلى الشفاء

علاج صدمات الطفولة شفاء صدمات الطفولة صدمات الطفولة أثر صدمات الطفولة العلاج السلوكي المعرفي العلاج بالتعرض العلاج الجدلي السلوكي العلاج النفسي اضطراب ما بعد الصدمة الاكتئاب القلق الدماغ الطفولة الصحة النفسية إساءة معاملة الأطفال الروابط العصبية المادة البيضاء الميالين العلاج القائم على اليقظة الذهنية التنفس العميق الدعم العاطفي جامعة مكغيل أبحاث صدمات الطفولة الدماغ والمشاعر الاتصال بين مناطق الدماغ الاضطرابات النفسية

 

تأثير صدمات الطفولة

تأثير صدمات الطفولة على الدماغ

    إن الدراسات الحديثة تظهر أن الأطفال الذين تعرضوا للعنف و الايداء في صغرهم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الاكتئاب، والقلق، وحتى خطر الانتحار في مرحلة البلوغ، لكن الخطير هو ماذا يحدث فعليا داخل الدماغ بعد هذه الصدمات؟. هناك مجموعة من الدراسات الحديثة بدأت تكشف كيف تؤثر صدمات الطفولة على تطور الدماغ ووظائفه.

تزايد في حالات إساءة معاملة الأطفال

    بالرجوع الى مكتب الأطفال التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، تزايدت حالات التبليغ عن إساءة معاملة الأطفال بنسبة 3.8% بين سنتين 2011 و2015، ليصل العدد في سنة 2015 وحده، إلى ما يزيد عن من 683,000 حالة.

آثار نفسية طويلة الأمد

     الدراست تشير إلى أن صدمات الطفولة تترك آثارا جد عميقة في نسية الشخص،  قد تؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، أو اضطرابات الاكتئاب، أو القلق، وحتى تعاطي والادمان على المخدرات.

    فريق من الباحثين في جامعة مكغيل في كندا يعمل في مشروع بحثي حاليا منصب، على دراسة، كيف يمكن أن تؤثر تجارب الطفولة الصادمة على الآليات العصبية في الدماغ التي هي على ارتباط بالصحة النفسية.

ضعف في الروابط العصبية

    توصل الباحثون أن الأشخاص الذين تعرضوا للإساءة كبيرة في الطفولة، يعانون من ضعف كبير في الروابط العصبية، بمناطق الدماغ المسؤولة عن تنظيم المعالجة المعرفية و المشاعر والانتباه، وقد تم  نشر نتيجة هذه الدراسة في مجلة الطب النفسي الأمريكية.

تلف في المادة البيضاء

    أبحاث سابقة تشير  إلى أن الأطفال، الذين تعرضوا للإهمال أو الإساءة لديهم، لديهم انخفاض في حجم "المادة البيضاء" في الدماغ علما أن المادة البيضاء فتتكون من مصارات عصبية مغلفة بمادة الميالين، وهي المسؤولة عن نقل الإشارات الكهربائية، بين خلايا الدماغ بسرعة وكفاءة، وتعتبر المادة البيضاء ضرورية جدا للتعلم والتطور المعرفي، وتستمر في التطور الدائم حتى سن الرشد، عكس المادة الرمادية.

دراسة عميقة لأنسجة الدماغ

علاج صدمات الطفولة

وبخلاف الدراسات السابقة التي استعملت التصوير بالرنين المغناطيسي، قام الدارسون في هذا البحث  بتحليل أنسجة للدماغ، مأخوذة بعد الوفاة من 78 شخصا توفوا نتيجة انتحار،  وقسمت النتائج  الى ثلاث مجموعات حسب العينات: 

-27 شخصا مصابا بالاكتئاب، وتعرضوا للإساءة في فترة الطفولة.

-25 شخصا مصابا بالاكتئاب، دون تاريخ  محدد للاساءة.
-26 شخصا لم يتم تشخيصهم بأي اضطراب نفسي، ولم يتعرضوا للإساءة.

كما استعمل الدارسون نماذج فئران لبحث تأثير البيئة، على نمو الجهاز العصبي خاصة في مرحله الأولى.

ترقق طبقة الميالين

    بينت نتائج التحاليل أن الاشخاص الذين تعرضوا للإساءة كانت طبقة الميالين لديهم أرق من غيرهم من الناس الاخرين، مما يؤثر بشكل كبير على كفاءة نقل الإشارات العصبية، كما لاحظ الباحثون وجود اضطرابات على مستوى الخلايا المسؤولة عن إنتاج وصيانة الميالين، وهي خلايا تسمى بالخلايا الدبقية قليلة التغصن (Oligodendrocytes).

مشاكل في التواصل بين مناطق الدماغ

    لاحظ الفريق البحثي أيضا أن بعض المحاور العصبية في الدماغ كانت سميكة بشكل غير طبيعي، مما قد يؤثر على الاتصال بين مناطق أساسية داخل الدماغ على سبيل المثال:

- القشرة الحزامية الأمامية: التي تلعب دورا مهما في معالجة المشاعرواتخاذ القرارات.

- اللوزة الدماغية: وهي المسؤولة عن تنظيم بعض المشاعر مثل الخوف والغضب.

- النواة المتكئة: والتي ترتبط بنظام المكافأة والتحفيز في الدماغ.

    إن ضعف الاتصال بين هذه المناطق في الدماغ، قد يفسربشكل واضح سبب، معاناة الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات الطفولة من مشاكل في التعامل مع المشاعر، وزيادة خطر الاصابة بالاضطرابات النفسية والإدمان.

  علاج صدمات الطفولة 

 
علاج

بالرغم من الآثار العميقة التي تتركها صدمات الطفولة على دماغ ونفس الاشخاص الذين تم ايدائهم وهم صغار، الا أن العلاج النفسي يمكن له أن يحدث فرقا كبيرا، في استعادة التوازن النفسي والعقلي.
من أبرز الأساليب العلاجية المستخدمة:

- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يعتبر من أكثر الطرق فعالية، حيث يعمل على مساعدة المريض في التعرف إلى أنماط التفكير السلبية الناتجة عن الصدمة، كما يساهم في تغييرها بأساليب أكثر إيجابية وبشكل واقعي.

- العلاج بالتعرض: يستعمل خاصة في حالات اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، حيث يتم تعريض المريض بشكل متدرج وآمن إلى الذكريات، أو المواقف المرتبطة لديه بالصدمة، مما يقلل تدريجيا من تأثيرها.
- العلاج الجدلي السلوكي (DBT): يستعمل في الحالات المركبة التي تشمل مشكلات في تنظيم المشاعر، وهو يساعد في بناء مهارات التأقلم والقبول.
- العلاج بالمحادثة والدعم العاطفي: يساهم في بناء علاقة ثقة بين المريض والمعالج، مما يفتح المجال للمرض  لمناقشة ذكرياته المؤلمة وكيفية تعامله معها.

-بالإضافة إلى ذلك، تشير أبحاث إلى أن العلاج القائم على اليقظة الذهنية (Mindfulness-Based Therapy) والتقنيات الجسدية مثل العلاج بالحركة أو التنفس العميق يمكن أن تساعد بشكل ملحوظ كذلك في تخفيف الأعراض المرتبطة بالصدمة.

      أوصت الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، بهذه الطرق العلاجية، ضمن الإرشادات الخاصة بعلاج صدمات الطفولة، مؤكدة أن التدخل المبكر والدعم المناسب للحالات المرضية، يمكن أن يعيد تشكيل مسارات الدماغ للوصول بالحالة الى الشفاء والتوازن.

الخلاصة

     اكتشف الباحثون إلى أن التعرض للإساءة في الطفولة، قد يحدث خلل دائما في الاتصال بين مناطق الدماغ، خاصة المسؤولة عن العاطفة والمعرفة، ورغم أن الآليات المسببة لهذه التغيرات لم تفهم بعد بدقة، إلا أن هناك أمل قائم بأن تسهم الأبحاث المستقبلية، في ابراز كيفية تأثير الصدمات النفسية المبكرة على الدماغ، وكذلك ايجاد سبل علاجية فعالة.

المراجـــــــــــع:

  • يمكنك الاطلاع على التفاصيل داخل الفصل الخاص بالإحصائيات (Chapter 2) في التقرير الكامل:

عنوان التقرير: Child Maltreatment 2015 – Children's Bureau, U.S. Department of Health & Human Services.

  •  “Unlocking the impact of early‑life adversity on brain function” – صادر عن مكتب أخبار جامعة McGill (نوفمبر 2023)، يشرح كيف تغير تجارب الطفولة الصادمة استجابة الدماغ للضغوط النفسية."
  • Trauma-Focused Cognitive Behavioral Therapy: Assessing the Evidence Base"تستعرض المراجعة المنهجية لـ TF‑CBT تأثيره الفعّال على تخفيف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لدى الأطفال والمراهقين، ويعد من أكثر العلاجات المدعومة بالأدلة
تعليقات