في لحظة ما، قد تتفاجأ من نفسك وأنت تبالغ في رد فعلك تجاه موقف بسيط. أو ربما تتساءل: لماذا ينهار بعض الأشخاص أمام أصغر المشاكل، بينما يقفز آخرون من أزماتهم وكأن شيئاً لم يكن؟
السر قد لا يكون في شخصياتنا الآن، بل في أعماق طفولتنا. نعم، تلك السنوات الأولى التي نعتبرها مجرد ذكريات، هي في الحقيقة اللبنة الأساسية لشخصياتنا.
الطفولة ليست مجرد ذكريات.. إنها عالمنا الأول
تخيل معي أن كل طفل يولد كصفحة بيضاء. كل تجربة يعيشها، كل كلمة يسمعها، كل علاقة يشكلها.. هي كالفرشاة التي ترسم على هذه الصفحة. شخصيتك القوية لم تظهر فجأة، بل نمت شيئاً فشيئاً منذ كنت طفلاً.
من يوم ولادتك حتى نهاية مراهقتك، مررت بمراحل أساسية:
عائلتك.. كانت عالمك الكبير الأول
بيتك كان المدرسة الأولى التي تعلمت فيها معنى الشخصية القوية. طريقة تربية والديك لعبت دوراً كبيراً:
علاقاتك اليوم.. جذورها من طفولتك
هل لاحظت كيف تتعامل في علاقاتك العاطفية والصداقات؟ هذا قد يكون مرتبطاً بما عشته في صغرك. علم النفس يسمي هذا "نظرية التعلق":
ماذا لو كانت طفولتك صعبة؟
البعض منا لم يحظَ بطفولة سعيدة. حيث عانى من الإهمال، أو العنف، أو الفقدان. هذه التجارب بالتأكيد تترك أثراً كبيرا، لكنها لا تحكم مصيرك. الكثيرون حولنا استطاعوا تحويل آلامهم إلى قوة، فيما يسمى "النمو بعد الصدمة".
الأمل موجود.. مهما كان عمرك
تطور شخصيتك القوية لا يتوقف عند سن معين. دماغك قادر على التعلم والتغير في أي مرحلة عمرية. يمكنك أن تبدأ من الآن:
- حاول أن تفهم طفولتك دون لوم.
- اكتب مشاعرك واحتفظ بمذكراتك.
- اطلب المساعدة من معالج نفسي إذا احتجت.
- ابني علاقات صحية مع أشخاص يدعمونك.
- كن قدوة أفضل لأطفالك إذا كنت أباً أو أماً.
خاتمة: أنت كاتب نهاية قصتك
صدقني، طفولتك رسمت البداية، لكنك أنت من يملك فرشاة الرسم الآن. في المرة القادمة التي تتصرف فيها بطريقة لا تفهمها، توقف واسأل نفسك: "هل هذا السلوك له جذور في طفولتي؟"
مجرد وعيك بهذا الأمر هو بداية التغيير. شخصيتك القوية قابلة للبناء والنمو مهما كانت بداياتك.. لأن أجمل جزء في رحلتك أنك أنت من يقرر كيف ستكون النهاية.