يُمثِّل القلق النفسي استجابة انفعالية شائعة، إلا أنه يتحول إلى حالة مرضية عندما يصبح مزمناً ويعوق أداء الفرد لوظائفه اليومية. وفي سياق مرض الصرع، لا يقتصر الأمر على كونه مجرد رد فعل عاطفي، بل غالباً ما يكون سمة ملازمة للمرض أو أحد الآثار الجانبية للعلاج.
القلق النفسي التالي لتشخيص الصرع
يُعَدُّ الشعور بالقلق بعد تشخيص الإصابة بمرض مزمن مثل الصرع استجابة طبيعية. غير أن هذا القلق يتعمق لدى الكثير من المرضى بسبب الخوف الدائم من توقيت حدوث النوبات وعدم القدرة على التنبؤ بها، مما يزيد من الشعور بعدم الاستقرار. كما يمكن أن ينتج القلق النفسي عن المخاوف المتعلقة بنظرة المحيط الاجتماعي، مما يُبرِز أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للمريض.
القلق النفسي بوصفه عرضاً مرتبطاً بالصرع
في كثير من الأحيان، لا يكون القلق النفسي مجرد رد فعل على المرض، بل قد يكون ناجماً عن الاختلال الوظيفي العصبي المصاحب للصرع نفسه. فبعض المرضى يعانون من نوبات قلق كجزء من "النسمة" أو الأورة التي تسبق النوبة الصرعية. وقد تظهر أيضاً أعراض أخرى مثل التوتر والاضطرابات الانفعالية، خاصة في حالات الصرع المزمن أو عندما تكون هناك إصابة دماغية محددة.
ورغم أن الآلية العصبية الدقيقة للصلة بين الصرع والقلق النفسي لا تزال قيد البحث، إلا أن الممارسة السريرية تؤكد وجود تقاطع معقَّد بين العوامل البيولوجية والنفسية.
التمييز بين نوبات الهلع ونوبات الصرع
في بعض الحالات، يصعب التفرقة بين نوبات الهلع والنوبات الصرعية، نظراً لتشابه الأعراض الظاهرية مثل تسارع ضربات القلب وضيق النفـَس والتعرُّق. بل إن نوبات الهلع الشديدة قد تؤدي إلى فرط التهوية وما يتبعها من تقلصات عضلية، مما يعقِّد عملية التشخيص التفريقي. وعادةً ما يعتمد الأطباء في هذه الحالات على فحوصات متخصصة مثل تخطيط أمواج الدماغ (EEG) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد طبيعة الحالة بدقة.
معالجة القلق النفسي لدى المصابين بالصرع
يتطلب التعامل مع القلق النفسي لدى مرضى الصرع تقييماً شاملاً للحالة. وقد يكون العلاج النفسي، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي، كافياً في عدد من الحالات، حيث يهدف إلى تمكين المريض من تطوير استراتيجيات المواجهة والسيطرة على قلقه.
أما عند الحاجة إلى التدخل الدوائي، فيجب الانتباه إلى احتمالية التداخلات الدوائية بين أدوية القلق وأدوية الصرع، وكذلك احتمالية الإدمان على بعض المهدئات. لذا، يلجأ الأطباء غالباً إلى اختيار أدوية مضادة للصرع ذات خصائص مضادة للقلق، تحقيقاً للتآزر العلاجي وتجنباً للمضاعفات.
خاتمة
يُعَدُّ القلق النفسي عاملاً معيقاً لجودة الحياة واستقرار الحالة الصحية لمرضى الصرع. لذا، فإن الفهم الدقيق للعلاقة بين الصرع والاضطرابات النفسية المصاحبة، وتقديم الدعم والعلاج المناسبين، يمثلان عنصرين أساسيين في الخطة العلاجية الشاملة لهذه الفئة من المرضى.