تبلد المشاعر: عندما تفقد القدرة على الشعور

   هل شعرت يوما بأنك فارغ من الداخل؟ لا حزن ولا فرح، وكأنك فقدت الاتصال بمشاعرك؟ هذا ما يعرف في علم النفس بتبلد المشاعر، وهي حالة يفقد فيها الإنسان قدرته على الإحساس الكامل بالعواطف، سواء الإيجابية أو السلبية.

ما هو تبلد المشاعر؟

   تبلد المشاعر هو نوع من آليات الدفاع النفسية التي يستخدمها العقل لحماية الفرد من الألم العاطفي الشديد الناتج عن الضغط النفسي، القلق، أو الصدمات النفسية. عندما تتراكم المعاناة، يبدأ الدماغ بتقليل شدة الإحساس لحماية نفسه من الانهيار، مما يؤدي إلى انفصال تدريجي عن المشاعر.

علامات تدل على إصابتك بتبلد المشاعر

   من أهم العلامات التي تشير إلى الإصابة بتبلد المشاعر:

  • ضعف أو غياب الاستجابة العاطفية تجاه الأحداث اليومية.
  • صعوبة الشعور بالتعاطف مع الآخرين.
  • الإحساس بالانفصال عن الذات، وكأنك تعيش على وضع الطيار الآلي.
  • نسيان متكرر وصعوبة في التركيز.
  • شعور مستمر بالإرهاق والتعب.
  • فقدان الأمل أو الشعور بالذنب، لعدم الإحساس بأي شيء.
  • اللجوء إلى سلوكيات مؤذية، في محاولة لاسترجاع الإحساس.

لماذا نصاب بتبلد المشاعر؟ الأسباب الرئيسية

   تختلف أسباب تبلد المشاعر من شخص لآخر، ولكن من أبرزها:

  • الاكتئاب، حيث يعتبر تبلد المشاعر بسبب الاكتئاب من أكثر الحالات شيوعا.
  • القلق المزمن والضغط النفسي، الذي يؤدي إلى إنهاك الجهاز العصبي.
  • الصدمة النفسية واضطراب ما بعد الصدمة، حيث يحاول العقل حماية نفسه.
  • الإهمال العاطفي، في الطفولة الذي يؤدي إلى كبت المشاعر في الكبر.
  • بعض الأدوية وخاصة أدوية الاكتئاب، التي قد تؤثر على مراكز الإحساس.

تبلد المشاعر في العلاقات العاطفية

   قد يظهر تبلد المشاعر في الحب عندما يشعر أحد الطرفين بالانفصال العاطفي رغم وجود العلاقة. يفقد الشريك القدرة على التعبير أو التفاعل العاطفي، وكأن العلاقة أصبحت خالية من المشاعر. غالباً ما يكون السبب هو الإرهاق النفسي أو الاكتئاب، وليس قلة الحب.

هل يمكن علاج تبلد المشاعر؟

   نعم، يمكن علاج تبلد المشاعر تدريجياً من خلال عدة طرق:

  • العلاج النفسي، يساعد على فهم الأسباب العميقة وراء التبلد العاطفي.
  • العلاج السلوكي المعرفي، لمواجهة المشاعر بدلا من تجنبها.
  • ممارسة التأمل واليوغا، لتهدئة الجهاز العصبي.
  • الاهتمام بالنوم والتغذية الصحية، لتعزيز القدرة على الشعور.
  • بناء علاقات اجتماعية صحية، مع الأشخاص الداعمين.
  • مراجعة الطبيب النفسي، لتقييم الحاجة إلى تعديل الأدوية.

خلاصة

   التبلد العاطفي ليس ضعفاً ولا بروداً، بل هو نداء خافت من النفس تطلب المساعدة والراحة. وكما تقول الباحثة برينيه براون: "حين نخدر الألم، نخدر الفرح أيضاً". فهم علامات تبلد المشاعر وأسبابها هو الخطوة الأولى نحو العلاج واستعادة الحياة العاطفية بكل دفئها وصدقها.

المــــــــراجــــع: 

- American Psychological Association (APA): Emotional Blunting and Depression
https://www.apa.org
- Cleveland Clinic: Emotional Numbness: Causes and Treatment
https://my.clevelandclinic.org
- National Institute of Mental Health (NIMH): Stress, Trauma, and Emotional Health
https://www.nimh.nih.gov
- Psychology Today: Understanding Emotional Numbness
https://www.psychologytoday.com

تعليقات